فصل: في معرفة الإمام هل هي واجبة أم لا؟.
  وإن أردت بذلك أنها تخلو ممن يقوم بالأمر ويتولاه لأسباب عارضة، وأحداث مانعة، فهذا غير ممتنع.
  فإن قال: إذا خلت الأرض منه فما حكم الأمور المتعلقة به؟.
  قيل له: قد بينا فيما تقدم أن هذه الأمور تنقسم قسمين:
  أحدهما: أنه ورد التعبد به بشرط وجوده فإذا لم يوجد فلا عبادة على أحد في ذلك.
  والآخر: ما يجوز أن تقوم به جماعة المسلمين، فالتكليف في هذا القبيل ثابت وإن لم يوجد الإمام.
  فإن قال: إذا كانت مصالحنا متعلقة بالأمور التي لا يقوم بإمضائها إلا الأئمة فإذا لم يوجد أدى إلى بطلان تلك الألطاف؟.
  قيل له: إذا كانت الأمور التي لا يقوم بها إلا الإمام يتعلق بها المصالح، فلا بد من أن يفعل الله تعالى ما يقوم مقامها في باب اللطف إذا لم يوجد الإمام، ولهذه الجملة تفاصيل ليس هذا موضع ذكرها.
  فأما القول في معرفة الأئمة الماضين $: فمذهب الزيدية فيه أن معرفة أمير المؤمنين والحسن والحسين À واجبة، لوجوب موالاتهم على التفصيل، لأن رسول الله صلى الله وملائكته عليه وآله أوجب موالاة أمير المؤمنين # بقوله صلى الله عليه وآله «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»، ولأن كل من يقول بإمامة أمير المؤمنين # بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه يوجب موالاته وموالاة الحسن والحسين $ على التفصيل.
  يدل على ذلك: إجماع أهل البيت $ أيضاً.
  فأما من بعدهم من الأئمة $: فمن بلغه خبرهم على التفصيل لزمتهم موالاتهم على التفصيل، و من عرفهم على الجملة لزمه أن يواليهم على الجملة، لقوله تعالى {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} وهذه الجملة تكفي في معرفة هذا الباب.