الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[تعظيم الباقر والصادق للإمام زيد $ وقولهما بإمامته]

صفحة 159 - الجزء 1

  ومن ذلك: حديث محمد بن سالم قال: قال لي جعفر: يا محمد هل شهدت عمي زيد، فقلت: نعم، قال: هل رأيت فينا مثله؟. قلت: لا، قال: ولا أظنك والله ترى مثله إلى أن تقوم الساعة، كان والله سيدنا، ما ترك فينا لدين ولا دنيا مثله.

  روى عمرو بن سليمان، عن عبدالله بن محمد بن علي بن الحنفية قال: لقد علم زيد # القرآن من حيث لم يعلمه أبو جعفر، قلت: وكيف ذاك: قال لأن زيداً علم القرآن وأوفى فهمه، وأبو جعفر أخذه من أفواه الرجال.

  ومن ذلك: ما رواه فضيل بن يسار، عن يحيى بن زيد # قال: قال لي ابن عمي جعفر #: قل لعمي زيد: يا عم حفظك الله، ياعم نصرك الله، إن كنت أزعم أني كما يقولون فأنا مشرك بالله العظيم.

  ومن ذلك: الخبر المشهور عن جعفر # أنه دفع إلى بعض الناس ألف دينار، وقال: فَرِّقه في الكوفة في عيال من أصيب مع زيد #.

  ثم لم يكن جعفر # يقر بالتقديم في الفضل والإمامة لزيد وحده دون من بعده من أفاضل العترة وسابقيهم $، فإنه حضر عند النفس الزكية محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن $ لما ظهر بالمدينة مع ولديه موسى وعبدالله واستأذنه في القعود واعتذر إليه لعجزه عن النهوض لثقل بدنه، فأذن له فانصرف، وخلف ولديه هناك، فلما نظر إليهما محمد بن عبدالله # ورآهما، قال لهما: إلحقا بأبيكما، فقد أذنت لكما، فلحقا به، فالتفت جعفر # في الطريق فرآهما، فقال لهما: لم انصرفتما، فقالا: قد أذن لنا، فقال: انصرفا إليه، فما كنت بالذي أبخل بنفسي وبكما عليه، فانصرفا إليه.

  وروي أن موسى # حضر أيضاً القتال مع الحسين بن علي صاحب فخ #، وأنه خرج بين يديه أو بين يدي محمد #.

  وهذا الباب لو استوفيناه لطال، ولكنا قصدنا بإيراد هذه الجملة أن نبين أن فضلاء العترة $ كانوا مجتمعين على طريقة سديدة في موالاة بعضهم لبعض، وتقديم مفضولهم لفاضلهم،