الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[بيان متى يستحق أمير المؤمنين # الخلافة]

صفحة 29 - الجزء 1

  فإن قال: إذا قلتم إن الخبر دل على أن أمير المؤمنين شارك هارون # في استحقاق هذه المنزلة وجب أن يكون مستحقاً لها في حال حياة رسول الله صلى الله عليه وآله كما استحقها هارون في حياة موسى @؟.

  قيل له: كذلك نقول، لأن أمير المؤمنين استحق بهذا القول أن يكون خليفة رسول الله صلى الله عليهما عند غيبته في حال حياته، وإماماً على أمته بعد وفاته صلى الله عليه وآله.

  فإن قال: هذا يوجب أن يكون إماماً في حال حياة رسول الله ÷.

  قيل له: قد أجاب عن هذا بعض أسلافنا بأن قال: إنه كان # إماماً في حال حياة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بعد استخلافه إياه، مستحقاً للتصرف في هذه الأمور، قال: والذي يمتنع منه من القول بجواز كون إمامين في وقت واحد، إنما هو كون إمامين على وجه يستبد كل واحد منهما بالأمر دون الآخر، فأما كون إمامين في وقت واحد بأن يكون أحدهما نبياً والآخر خليفة فلا يمتنع، وهذا الجواب سديد، وإن كان الأولى أن لا يطلق جواز كونه # إماماً في حال حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، بل يقتصر على كونه # مستحقاً للتصرف في هذه الأمور بعد استخلافه صلى الله عليه في حال غيبته عنه على الشرائط التي يتصرف عليها المستخلف عن المستخلِف، ولا يطلق القول بأنه كان إماماً في تلك الحال من حيث أثبتنا له استحقاق هذه المنزلة، لأن الإمامة عبارة عن التصرف في هذه الأمور على وجه لا يكون فوق يد المتصرف فيها يد، ولهذا جاز للإمام الذي ينصبه الإمام ويجعل يده فوق الأيدي أن يتصرف في جميع ما يتصرف فيه الأئمة إلا أنه لا يسمى إماماُ من حيث كان الإمام فوق يده، وإذا كان هذا هكذا فالمنزلة التي استحقها أمير المؤمنين # يعبر عنها في الحال التي كانت فوق يده يد وهي يد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بأنها كالخلافة فقط، ويعبر عنها في الوقت الذي لم يكن فوق يده يد بأنها إمامة، واستحقاق التصرف ثابت في الحالين معاً.

  والذي نختاره ونعتمده في الجواب عن ذلك: هو أن الخبر دل على أنه صلى الله عليه وآله نص على كونه # أولى الناس بمقامه، وبساسة أمر أمته، كما أن هارون # لو بقي بعد موسى # لكان أولى الناس بذلك، وهذا الإستحقاق إنما يقتضي استحقاقه #