الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[بيان متى يستحق أمير المؤمنين # الخلافة]

صفحة 30 - الجزء 1

  هذه المنزلة في الحال على أن يكون متصرفاً بعده صلى الله عليه وآله، كما أن الإمام إذا نص على إمام غيره استحق في الحال أن يكون متصرفاً بعده.

  فإن قال: فلم قلتم إن هارون لو بقي بعد موسى @ لكان أولى الناس بمكانه، ونحن نقول إنه لا يمتنع أن يبعث الله نبياً آخر فيقوم مقامه، وكان أيضاً لا يتمنع أن يستخلف غيره؟.

  قيل له: هذا يسقط من وجهين:

  أحدهما: أنه لا خلاف في أن هارون لو بقي والأحوال كما كانت عليه ولم يبعث الله نبياً آخر لكان أولى بمقامه من كافة الناس.

  والثاني: أن هذا يقتضي صرف هارون # عن أمر تولاه وأسند إليه، وتجويز مثل هذا على الأنبياء À يؤدي إلى التنفير، ولا يجوز أن يفعل الله ذلك، وهذا أبلغ في التنفير من كثير مما يمنع منه أصحابنا المعتزلة من تجويزه على الأنبياء À.

  ومما يجاب به عن السؤال الذي تقدم - وهو أن أمير المؤمنين # لا يجب أن يكون مستحقاً لهذه المنزلة بعد رسول الله ÷ كما أنه لم يستحقها هارون بعد موسى @ - أن في الخبر ما يدل على كون أمير المؤمنين # مستحقاً لها بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وهو قوله «إلاَّ أنه لا نبي بعدي»، ولولا أن المنزلة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وآله مما ثبت بعد موته، لكان لا فائدة في استثناء النبوة بعد موته صلى الله عليه وآله، لأن هذا الإستثناء كان يجري مجرى الإستثناء لما لم تتضمنه الجملة المستثنى منها، إذ لا فضل بين أن يستثني من اللفظ ما لم يشتمل عليه، وبين أن يستثني منها في حال ما لم تتضمنه الجملة في تلك الحال على وجه من الوجوه.

  فإن قال: هذا الإستثناء لا يجري مجرى ذلك، لأن قوله صلى الله عليه وآله «إلاَّ أنه لا نبي بعدي» المراد به لا نبي بعد نبوتي.

  قيل له: هذا عدول عن الظاهر، لأن قول القائل بعدي إنما يفيد بعد موتي على وجه الحقيقة، وإن جاز أن يراد به بعد حال من أحواله على وجه التوسع، والكلام من حقه أن يكون محمولاً