الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[وجه استحقاق أمير المؤمنين # للولاية]

صفحة 41 - الجزء 1

  والثاني: أنه ÷ لو لم يكن قد قدم هذه المقدمة وأثبت الكلام بأن قال علي مولاكم، لكان ظاهره يفيد أنه # أولى بهم في هذه الأمور التي ذكرنا، لما بينا من أن اللفظ يجب حمله على جميع ما يحتمله إلا ما يخصه الدليل.

  فأما ما ذكر السائل من حمله على الموالاة في الدين: فإن ذلك لا يقدح فيما نذهب، لأن كون ما ذكره مراداً لا يمنع من أن يراد ما ذكرناه أيضاً، فنحن نجمل اللفظ على الوجهين جميعاً، وعلى كل وجه يصلح إذا لم يمنع منه مانع.

  فأما تشبيه ذلك بقوله ÷ «من أحبني فليحب الأنصار»: فبعيد، لأن ذلك ليس فيه أكثر من الحث على محبة الأنصار، وليس فيه دلالة على معنى الأولى والولاية على وجه من الوجوه، وهذا مما لا شبهة فيه، ولكن بعض الجهال اعتمده فذكرناه.

  فإن قال: قد وصف الله تعالى كل واحد من المؤمنين بهذا الوصف، ولم يكن فيه دلالة على الإمامة، وهو قوله تعالى {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}⁣[التحريم/٤]؟.

  قيل له: لو خلينا وهذا الظاهر لحملنا اللفظ على جميع ما يحتمله، ولكن قامت دلالة على أن الله تعالى لم يرد بذلك كون كل واحد من صالحي المؤمنين أولى بالأمة في هذه الأمور، وهو إجماع المسلمين يمنع من حمل الآية على ذلك.

  فإن قال: نحن نسلم لكم أن لفظ الخبر محمول على الأولى، ونقول إنه يجب أن يكون أولى في أمر من الأمور، وذلك غير مذكور في اللفظ، فالإحتجاج بظاهره غير صحيح؟.

  قيل له: قد ثبت من أصلنا أن اللفظ إذا كان مفيداً لأمور كثيرة على وجه الحقيقة ولم يبين المخاطب - مع كونه حكيماً - أن مراده بعض تلك الأمور، وجب أن يحكم بأنه أراد جميعها، ولولا ذلك لما قام دلالة التخصيص.

  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون المراد بذلك أنه # ناصر للمؤمنين على الوجه الذي ينصرهم رسول الله ÷ فيلزم المسلمين موالاته على هذا الخبر، كموالاة النبي ÷ وهذه منزلة عظيمة؟.