[دلالة خبر الغدير على الإمامة]
[دلالة خبر الغدير على الإمامة]
  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون لفظ الخبر لا يصح أن يكون فيه دلالة على إمامته، لأن المستفاد بالإمامة هي أحكام شرعية لا يدل عليها إلا اللفظ الشرعي، ولفظة المولى ليست من الألفاظ الشرعية، فكيف يستفاد منها الإمامة؟.
  قيل له: هذا غلط، لأن الأحكام الشرعية لا تمنع أن يعبر عنها ويدل عليها تارة في اللفظ الشرعي يوضع له، ويعبر عنها أخرى بألفاظ لغوية تتناول تلك الأحكام وتفيدها، وإن كان في بيانها بالألفاظ اللغوية ما يحتاج إلى ضروب من التفصيل لا يُحتاج إلى مثلها إذا عُبِّرَ عنها بلفظ شرعي مختص بها.
  ألا ترى أن الفرض الذي هو الحجّ لا يمنع أن يُبَيَّنَ ويُعَبَّرَ عنه بهذا اللفظ الشرعي الذي يختص به، ومرة بألفاظ لغوية مثل أن يقال هل من مستطيع يلزمه أن يعقد الإحرام في موضع كذا، بأن يفعل كذا وكذا، فيطوف ويسعى، ويقف في موضع كيت وكيت، ويفعل ويصنع، حتى تأتي على جميع أعمال الحج، فكذلك لا يمنع أن يبين رسول الله ÷ استخلاف أمير المؤمنين # بأن يقول: كما أني أولى بكم بأن آمركم وأنهاكم وأتصرف فيكم تصرف الراعي على الرعية فعلي أولى بذلك، كما لا يمتنع أن يبين ذلك بلفظة شرعية فيقول: هذا إمام لكم، وإذا كان هذا هكذا بان سقوط ما اعترض به السائل.
  فإن قال قائل: ما أنكرتم أن حمل الخبر على ظاهره يفيد أن يكون أمير المؤمنين # إماماً مع رسول الله ÷ في حال حياته، وهذا قد عرفنا فساده؟.
  قيل له: الجواب عن هذا الإعتراض من جهتين:
  أحدهما: ما تقدم ذكره، وهو أن ذلك إنما يفيد كونه خليفة له صلى الله عليهما في حال حياته متى غاب عنه وبعد وفاته، وهذا لا يوجب وصفه بالإمامة في تلك الحال، مع أن يد رسول الله ÷ فوق يداه، وإن جاز أن يعبر عن هذه المنزلة بعده ÷ بالإمامة إذا لم يكن فوق يده # يد أخرى على وجه من الوجوه.