الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[دلالة خبر الغدير على الإمامة]

صفحة 44 - الجزء 1

  والثاني: أن الدلالة إذا دلت أن النبي ÷ قال فيه ذلك مستخلفاً، أفاد ذلك استحقاقه # في تلك الحال أن يكون أولى بأمر الأمة بعد وفاته ÷ على الحد الذي يقتضيه نص الإمام على إمام بعده.

  ألا ترى أن إماماً من الأئمة إذا نصب ولي العهد لم يوجب ذلك أن يكون إماماً معه، وإنما يوجب أن يكون مستحقاً في تلك الحال أن يتصرف في الأمور عند موته، فيكون في حال حياته ولي عهده وإماماً من بعده، وعلى هذا الوجه نص أبي بكر على عمر عند من يقول بذلك من أصحابنا المعتزلة، ولم يوجب ذلك أن يكون الثاني.

  فإن قال: في الظاهر ما يمنع مما قلتموه، وذلك أن قول عمر له (أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة)، فدل ذلك على أن السامعين عقلوا من الخبر أن المستفاد به حاصل له # في تلك الحال، فإذا لم يجز أن يكون الحاصل هو الإمامة ثبت أن المراد بالخبر غيرها.

  قيل له: لم نعدل عن موجب الظاهر، لأنا نقول إن استحقاق الأمر حصل له في تلك الحال على أن يكون متصرفاً فيه في المستقبل، فالمستفاد باللفظ حصل له استحقاقه في الوقت، على ما بيناه في حال من يجعل إليه ولاية العهد، لأن الإستحقاق يحصل له في الحال، وإن كان التصرف متأخراً.

  فإن قال: إذا جوزتم أن يتأخر التصرف عن ذلك الوقت، فما الفصل بينهم وبين من يقول: إنه # استحق في ذلك الوقت أن يكون متصرفاً في الأمر بعد الثلاثة، على ما نذهب إليه.

  قيل له: تجويز هذا يمنع من الظاهر، لأنه دل على أنه # أولى بالإمامة في تلك الحال، ولو كان يستحق التصرف بعد الثلاثة، لم يكن هو أولى بهم في تلك الحال، بل كان يكون الأولى غيره، وإذا كان هكذا سقط ما أورده السائل.

  فإن قال: فإذا كان ظاهر الخبر أوجب استحقاق المنزلة في تلك الحال فصرف التصرف منها إلى وقت دون وقت لا يصح إلا بدلالة، وليس هكذا حال من يجعل إليه ولاية العهد، لأنه يقرن بتوليته ما يدل على استحقاقه الأمر من بعده.