[سبب دخول علي # في الشورى]
  ولوجه آخر: وهو أن يكون قد غلب على ظنه أنه بهذا الفعل يصل إلى حقه، ويتمكن من القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على وجه، وللإمام أن يتوصل إلى ذلك بكل طريق لا يقترن به وجه القبح، وهذا الفعل لو قبح لكان إنما يقبح من حيث الإيهام، وقد بينا أنه اقتضى ضد ذلك.
  وأما احتجاجه # على طلحة والزبير بالنكث دون النص: فلأنه # أراد أن يلزمهما ما لا يمكنهما إنكاره، لأن القوم كانوا مقرين بالبيعة، ولم يكونوا مقرين بالنص عليه، فكيف كان يحتج به عليهم؟. فألزمهما # الخطاب من حيث لا لبس فيه.
  وأما قوله # امدد يدك أبايعك: فإنه لا ينافي النص بل العادة جارية بأن المنصوص عليه يبايع ويقرر أمره بالبيعة وصفق اليد.
  ألا ترى أن نص أبي بكر على عمر لا يمنعه أن يبايعه الناس، ولذلك حمل الناس على ذلك.
  ولكونه منصوصاً عليه ابتدأ العباس بأن قال: (امدد يدك أبايعك) ولم يقل تجتمع جماعة من بني هاشم فتختارك وتعقد لك، وكان العباس ممن لا يخفى عليه الإمامة لو كان طريقها الإختيار والعقد، لكان لا بد فيه من ضرب من المشاورة فهو أيضاً يريد ما نذهب إليه من النص.
  سؤال: قالوا لِمَ لَمْ ينقض # أحكامهم لما ولي الأمر؟.
  الجواب: يقال لهم أقرب ما يسقط به هذا السؤال، أنه ليس يجب نقض أحكام كل من ليس بإمام، وإنما يسوغ ذلك عند شرائط مخصوصة، وليس في جواز الأحكام دلالة على إمامة المتولي لها، وهذا القدر كاف في إسقاط هذا السؤال، إذ لا تعلق له بهذا الموضع الذي نحن فيه، وإنما يمكن أن يسأل عنه في الكلام في حال القوم أيضاً، ولأنه # لو رد بعض أحكامهم لما أمكنه، لأن كثيراً من أصحابه كانوا مائلين إليهم، قائلين بفضلهم، فلم يكن يأمن # أن يكون الشروع في ذلك مؤدياً إلى اضطراب الأمر عليه، فإذا كان الأمر على ما وصفنا لم يلزم الإمام نفي الماضي بل الواجب عليه ألا يفعل من ذلك ما يؤدي إلى وقوع الفساد في الحال، وليس هذا بأعظم مما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله من تألف المؤلفة قلوبهم، وما أمر الله تعالى به من صرف بعض الصدقات إليهم، وإذا كان هذا هكذا بان فساد ما بنوا عليه.