الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[إبطال دعوى الإجماع على إمامة عمر]

صفحة 65 - الجزء 1

  الجواب: أن خلاف القوم الذين حكينا خلافهم على أبي بكر أشهر وأظهر من هذا الخلاف، فإن كان هذا قدحاً عندهم في الإجماع على قتله فما حكيناه بأن يكون قدحاً في الإجماع على إمامة أبي بكر أولى، على أن ما روي عن أمير المؤمنين # في هذا الباب لا يعترض ما ذكرناه، لأنا لم نقل أنه قتله أو أعان بنفسه على قتله، وهو # لم يقل لم أرض بقتله، بل قد روي عنه # أنه قال (الله قتله وأنا معه).

  فأما الذين كانوا معه في الدار فلم يكونوا من الذين يجوز أن يعتبروا في الإجماع، لأنهم كانوا بين عبيده ورهطه من سفهاء بني أمية لعنهم الله، ولا شك في فسقهم وكفرهم وعداوتهم لله تعالى ولرسوله ÷ كمروان وذويه.

[إبطال دعوى الإجماع على إمامة عمر]

  شبهة: قالوا: قد أطبقت الصحابة على إمامة عمر إذ لا أحد أظهر الخلاف في أيامه، وإمامته إنما تثبت من جهة أبي بكر فثبوت إمامته دلالة على ثبوت إمامة أبي بكر؟.

  جوابها: يقال لهم متى لم يصح الإجماع على إمامة أبي بكر لم يصح ادعاء الإجماع في إمامة عمر، إذ لا يمكن أن يدعى أن المجمعين علم منهم الرضى بإمامته إلا من حيث أظهر كل واحد منهم الرضى بها قولاً، وإنما يمكن ادعاء السكوت وترك إظهار النكير، وقد بينا أن السكوت والحال هذه لا يقتضي الرضى ولا يدل عليه، وإذا كانت الأسباب الداعية للقوم الذين خالفوا أبا بكر في الأول إلى السكوت والكف مستمرة في أيام عمر، فاستمرار سكوتهم فيها لا يدل على الرضى بالثاني، كما لم يدل الأول على الرضى، ألا ترى أن معاوية لما عقد الأمر ليزيد وتمكن من ذلك بالقهر والغلبة ودعا الناس ذلك إلى السكوت وترك إظهار الخلاف واستمر بهم السكوت في حال قعود يزيد - عليه وعلى أبيه لعنة الله - لم يدل ذلك على رضى المسلمين به وإطباقهم على القول بإمامته - لعنه الله - والغرض بالمثال الذي أوردناه أن السكوت علن مخالفة واحد من الناس إذا حصل لأسباب داعية إلى ذلك دون الرضى به ثم جعل هو الأمر لغيره وحصل لذلك