[تصويب أمير المؤمنين فيما فعله من التحكيم]
الكلام على الخوارج فيما أنكروه من التحكيم
[تصويب أمير المؤمنين فيما فعله من التحكيم]
  إن سأل سائل فقال: ما الدليل على أن ما فعله أمير المؤمنين # من التحكيم كان صواباً، وما أنكرتم أن يكون معصية؟.
  قيل له: الدليل على ذلك، أنا قد علمنا أن الإمام متى خشي وقوع الفتنة، وانتشار الكلمة، واضطراب أمر الرعية، وأحس من أصحابه باستيلاء الشبهة عليهم، وضعف نياتهم عن قتال الظالمين، فله أن يفعل ما يؤدي إلى زوال هذه الأحوال، ويغلب على ظنه أنه يقتضي عود الأمر إلى الصلاح والسداد والنظام، ويتمكن من النهوض بمصالح المسلمين، وقهر الأعداء الظالمين، متى لم يؤدِ إلى ارتكاب محظور، ورفع ركن من أركان الإسلام والدين، ولم يقترن به وجه من وجوه القبح، ولهذه العلة وردت الشريعة بمهادنة الكفار متى غلب على ظن الإمام أن ذلك يفضي إلى المصلحة، ولهذا هادن النبي صلى الله عليه وآله المشركين سنة الحديبية على ما هادنهم عليه حتى مُحِي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله من الكتاب لما التمسوا ذلك، وشرط أن يرد عليهم من جاء منهم بغير إذنهم، وأن لا يرد القوم من ورد من جهة النبي صلى الله عليه وآله.
  ولما ذكرناه كان يؤلف صلى الله عليه وآله قلوب المؤلفة، وإذا ثبتت هذه الجملة، واتفق من معاوية وعمرو بن العاص لعنهما الله من المكيدة ما اتفق، حتى رفعوا المصاحف فوق الرماح، وصاحوا: (ندعوهم إلى ما في كتاب الله والرضى به، فقد رضينا بحكمه)، اضطرب عليه أكثر أصحابه وكفوا عن القتال، وقالوا: (قد أنصفنا قومنا)، ولم يصغوا إلى ما بينه رسول الله ÷ من حال القوم في الإلتجاء إلى هذه المكيدة عند ظهور الغلبة عليهم، وقال لهم: (إنها مكيدة من ابن هند وابن النابغة، أو لسنا على كتاب الله تعالى والقوم قد نبذوه وراء ظهورهم؟. فامضوا على أموركم) فلم ينتهوا إلى أمره حتى سمع # الصيحة من وراءه بأن (أجب القوم إلى ما دعوا إليه وإلا قتلناك كما قتلنا عثمان بن عفان)، وقراءة بعضهم: {يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[آل عمران: ٢ ٣]، أُحوِجَ # إلى إجابة القوم وعقد ما التمسوه من الموادعة اضطراراً لا اختياراً، و عند أيسر هذه الأحوال التي ذكرنا يجب على الإمام المبادرة إلى