الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل: في أن أمير المؤمنين # أفضل الصحابة عند الله وأكثرهم ثوابا

صفحة 85 - الجزء 1

  وقوله سبحانه {على القاعدين} لابد من أن يكون المراد به فضلهم على القاعدين عنه من سائر المطيعين، إذ لايجوز أن يكون المراد به أنه تعالى فضل المجاهدين على القاعدين عنهم وعن سائر الطاعات، حتى تكون فائدة الآية تفضيل المجاهدين على العصاة أو الذين لا طاعة لهم على وجه من الوجوه، لأن هذا يكون عبثاً تعالى الله عن ذلك، وإذا كان هذا هكذا ثبت ما قلناه من الله تعالى قد أخبر بهذه الآية أن ثواب الجهاد أفضل من ثواب سائر الطاعات التي ليست بجهاد.

  فإن قيل: ما أنكرتم أن يلزمكم غناؤهم على هذا أن يكون القوم الذين ثبت عظيم عنائهم في الجهاد سوى أمير المؤمنين كالزبير، وأبي دجانة، ومحمد بن مسلمة، وخالد، ومن جرى مجراه أفضل الصحابة على القطع.

  قيل له: لو خلينا والظاهر ودلت الدلالة على أن هؤلاء مقطوعين على مغيبهم لحكنا أيضاً بأنهم أفضل الجماعة إذا سلمت الأحوال، ولكان دلالة الإجماع قد دلت على أن هؤلاء لم يكونوا أفضل الصحابة فخصصناهم من الظاهر بهذه الأدلة كما خصصنا أصحاب الصغائر، وما يجري مجراهم من عموم الوعيد.

  فإن قيل: إذا كان من حق الجهاد أن يستحق عليه من الثواب ما يزيد على ثواب سائر الطاعات، فكيف يجوز أن تقوم الدلالة على أن من كان له عناء عظيم، فثوابه أقل من ثواب من لم يشاركه في مثل فعله.

  قيل له: لا يمتنع أن يكون من حق الفعل أن يستحق عليه ثواب عظيم، ثم يقترن نقصان ذلك الثواب من معصية أو ندم أو ما يجري مجرى ذلك، وإذا كان هذا هكذا لوقوع هذا الفعل من هؤلاء لا يمتنع من قيام الدلالة على نقصان ثوابهم.

  فإن قيل: فيجب أن يقفوا في أمير المؤمنين # وفي هؤلاء لمشاركتهم إياه في عظيم العناء في الجهاد.

  فإن قيل: قد دلت دلالة الإجماع على أنه # أفضل منهم، لأن أحداً من المسلمين لم يقف فيه وفيهم، فقطعنا لأجل هذه الدلالة على تفضيله عليهم، وحكمنا أنه لا بد أن يكون