الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

دليل آخر: [الإجماع على أن عليا أفضل الصحابة]

صفحة 87 - الجزء 1

  مباشرة القتال وقتل الأقران فقط، لأن رسول الله ÷ كان أعظم الناس عناء فيه، ولم يذكر فيه المبارزة ومباشرة الحرب بنفسه، حتى روي أنه صلى الله عليه وآله لم يقتل إلا رجلا واحدا؟.

  قيل له: هذا الذي أوردته في نهاية البعد، لأن أبا بكر وعمر لم يثبت حالهما أنهما كان من التقدم في المعرفة بالحروب وأحوالها ما يكون لرأيهما فيها هذا الموقع الجسيم، والتأثيرات العظيمة حتى يزيد حالهما على حال من يجمع بين المعرفة في الفعل ومباشرته والمصابرة فيه، وقد أزال # الشبه في هذا الباب على المنبر (من أعرف بها مني وقد تناولتها وأنا ابن عشرين سنة وها أنا قد أرقيت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع).

  وأما رسول الله ÷ فلا شك في أن عناه في بعض الجهاد وفي كل حين أعظم من عناء الناس أجمعين، والحال في هذا الباب ظاهر، لأن ثبات الجماعة في الجهاد كان تابعاً لثباته #، ولولا ذلك لما كان لمباشرتهم الحرب تأثير فلهذا وجب أن يكون عناه ÷ في هذا الباب أعظم، وأحسب أنه لا إشكال في أن ثبات أمير المؤمنين # وسائر الصحابة في باب القتال ومبارزة الأقران لم يكن تابعاً لثبات أبي بكر وعمر، فهذا القياس في نهاية البعد.

  وأيضاً فإنه ليس الطريق إلى معرفة فضل رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين وزيادة ثوابه عليهم هو اعتبار تفاصيل أفعاله، ولكن إنما نعلم ذلك من جهة السمع الدال عليه، وليس هذا حال من يكون الطريق إلى معرفة فضله اعتبار أحوال أفعاله على ما بيناه.

دليل آخر: [الإجماع على أن علياً أفضل الصحابة]

  وهو أن الناس اختلفوا في التفضيل على ثلاثة أقوال:

  أحدها: القول أن أمير المؤمنين # أفضل الصحابة وهو قولنا.

  والثاني: القول بأن أبا بكر أفضلهم.

  والثالث: الوقوف والقطع على أنه لا دليل على تفضيل بعضهما على بعض، وقد قام الدلالة على فساد القول بتفضيل أبي بكر على الجماعة، وعلى فساد القول بالتوقف، فلم يبق إلا ما ذهبنا إليه، وهو القول بتفضيل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # على الجماعة.