تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة يوسف

صفحة 249 - الجزء 1

  أخوته، فكره الله لنبيه صلى الله عليه الظلم والزلل، ولم يرض بذلك من أحد من أهل الملل، فهذا معنى قوله: {كِدْنَا}، فكان من يوسف صلى الله عليه الزلل والنسيان، وكان من الله سبحانه العفو والمن والإحسان.

  وأما تأويل قوله: {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}⁣[يوسف: ١٠٠] فهي: ما كان من روياه في أول أمره، وقيل: فعل إخوته ما فعلوا به من سجود الكواكب و الشمس والقمر، فكان تأويل ذلك أبويه وإخوته، وإتيانهم إياه في مملكته، فخروا له سجدا كما قاله الله سبحانه، ومعنى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} فهو: خروا لله من أجل ما أنعم عليهم به فيه، كما كان سجود الملائكة لآدم، وإنما معنى قول الله سبحانه {اسْجُدُوا لِآدَمَ}⁣[البقرة: ٣٤] أي: اسجدوا لله من أجل آدم #، لعجيب ما ترون من قدرته فيه وابتداعه له وخلقه.

  فأما قوله: {قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} فإنما يقول: قد حققها ربي مما مَنَّ به من إتيانه بكم، وتفضل بذلك علي وعليكم.

  ١٠٣ - وسئل عن قول الله سبحانه: {يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}⁣[يوسف: ٦٧]؟

  هذا من يعقوب صلى الله عليه لجماعة بنيه، حين خرجوا عنه مسافرين، فخاف عليهم من النفس وعيون الناظرين، فأمرهم عند دخول القرية بأن لا يدخلوا جملة واحدة، لما كانوا عليه من جمالهم، وكثرتهم وكمالهم، وكانوا أحد عشر رجلا، لم يُر مثلهم جمالا ولا كمالا، فخاف عليهم وأشفق صلى الله عليه من أن يراهم أهل تلك البلدة، مجتمعين جماعة واحدة على ما هم عليه من كمالهم و حسنهم وجمالهم، فأمرهم