ومن سورة الرعد
  حالكا، وهذا فكثير في اللسان، موجود في اللغة والبيان، وفي غير ذلك ما نزل الله من القرآن، وعلى ذلك مخرج قول الله: {أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} ثم ابتدأ فأخبر أن له الأمر جميعا، في كل الأشياء، إظهارا منه لقدرته، واحتجاجا على بريَّته، وتثبيتا فيهم لحجته.
  ١٠٥ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ}[الرعد: ٨]؟ غيضها هو: ما ينقص منها، مما هو فيها من الأولاد دون غيرها، وزيادتها فهو: ما يحدث فيها ومنها.
  ١٠٦ - وسألته عن قول الله سبحانه: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ} إلى قوله {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى}[الرعد: ١٧ - ١٨]؟
  فقال: هذا مثلٌ ضربه الله للحق والباطل، فجعل الباطل كزبد السيل يذهب فلا يبقى، وجعل الحق كالذي يبقى مما يوقدونه مما يحمل السيل من الحطب، ويأتي به من عيدان الأشجار التي ينتفع بها، ويوقدونه في تسوية الحلية وغيرها، ومعنى قوله: {بِقَدَرِهَا}[الرعد: ١٧] فهو: على قدرها، وما تحتمل من الماء وما يسعها منه، ومعنى قوله: {زَبَدًا رَابِيًا}[الرعد: ١٧] فهو: زبدا منتفخا مجتمعا متكاثفا، وكذلك تسمى العرب كل منتفخ: مجتمعا متكاثفا رابيا.