تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الحجر

صفحة 266 - الجزء 1

  للخلق من أرزاقه كلما يريد، وأنه لا يعجزه ولا يمنعه منه شيء، وعنده أصل كل شيء وفرعه، والإمداد لمن يشاء ما شاء، وأنه لو شاء لبسط للخلق كلما يحبون، وأعطاهم أضعاف ما يريدون، لكنه سبحانه ينزل بقدر معلوم في الحكمة، والتقدير الحسن الذين لا يصلح لخلقه غيره، ولا ينفع فيهم ولا يغنيهم سواه، ولا يلزم عنهم كل اللزوم فيهلكوا ويموتوا، ولا يبسط لهم كل البسط فيأشروا ويفسدوا.

  ١١٤ - وسألني: عن قول الله سبحانه: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ٧٩}⁣[الحجر: ٧٩]؟

  فقلت: هما قريتان أُهلكتا ودمرتا لما طغتا وعصتا، فكانتا على طريق قريش في الرحلتين، رحلة الشتاء والصيف، والإمام فهو: الطريق الواضح، والأعلام التي يستدل بها على مسالكهما ومياههما، فذكر الله أمرهما احتجاجا على من خالفه ممن يفعل كفعلهما، من عصيان ربه، ومخالفة خالقه، فقال: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ٧٩} ترونهما، وترون في كل رحلة آثار قدرتنا عليهما، وأخذنا لهما بما كان منهما من البغي والعصيان، من مثل ما أنتم عليه من مخالفة الرحمن.