ومن سورة مريم
  ١٤٦ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {كهيعص} و {حم} و {الر}، وما أشبه ذلك من أول السور؟
  وأعلم - أعاننا الله وإياك على طاعته - أن هذه الأحرف أحرف لم يتعبد الله أحداً فيها بأكثر من الإقرار بها، كنَّ الله تفسيرها عن نبيه فضلا عن غيره، ولو اطلع عليها نبيه، لااطلع عليها وصيه، ولو أطلع عليها وصيه، إذا لعرفها علماء أهل بيته، فلما أن لم نجد ذلك مفسرا عن رسول الله # وآله، ولا اللغة المستدل بها، علمنا أن هذه الأحرف أحرف لم يكلف الله تفسيرها، إذ ترك اطلاع نبيه عليها، غير أنه قد تكلم متكلمون، وخبط خابطون، بغير معرفة، ولا بصيرة نافية، تكمُّهاً منهم وعمى، فأنكرنا ذلك من فعلهم، وكرهنا من عملهم، فخشينا إن فسرنا أن نقع في ما كرهنا، ونصير إلى ما أنكرنا، فتركنا المنكر عندنا، لما بان من الصواب لدينا، فنسأل الله العون على طاعته، والقيام بواجب حقه.
  قول الله تبارك وتعالى: {حم} حرف لم يتعبد الله أحدا بعلمه، ليس فيه فرض من الله على عباده، {الْكِتَابِ الْمُبِينِ}[الزخرف: ٢، الدخان: ٢] فهو: كتاب محمد المبين، معنى المبين: بين الحق وبين الباطل.