تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة فاطر

صفحة 407 - الجزء 1

  وأما قوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ٢٢} فإنما هذا مثل مثَّل الله به الكافرين، أنهم في الإعراض وقلة الاستماع والقبول كأهل القبور.

  ٢١٠ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ}⁣[فاطر: ٣٢] إلى آخر الآية؟

  فقال: هم آل رسول الله ÷ المؤمنين منهم، فهم صفوة الله وخيرته، باختياره سبحانه لأبيهم محمد ÷، فأُورثوا الكتاب، وجُعل فيهم من بعد الإسرائيليين، تفضلا من الله عليهم، وإكراماً بذلك لهم، ثم ميَّزهم وأخبر الخلق بأخبارهم، ووصفهم لهم بصفاتهم، لكي لا يبقى للخلق عليه حجة فيهم، ولأن لا يحمل أحد سواية مسيئهم على محسنهم، ولا يطعن طاعن على من مؤمنهم بفسق فاسقهم، فقال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} وهو فاسق آل محمد، {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} وهم أهل الدين والورع والعلم منهم، أئمة الحلال والحرام، وأهل الورع والإسلام.

  {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} فهم أئمة آل محمد الطاهرون، أهل السيف المجاهدون، الذين نصبوا أنفسهم لله، وباينوا بالحق في ذات الله، وأخافوا أعداء الله وخافوهم، وجاهدوا في سبيل الله مَن عَنَدَ عنهم، وحكموا بكتاب الله وسنة نبيه، وضربوا بالسيف من عَنَدَ عن دينه، فكملت فيهم صفات الأئمة، فوجبت طاعتهم على الأمة، حجة على العالمين، ونعمة منه على المتبعين، ونقمة في الدنيا والآخرة على المخالفين، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ