تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة يس

صفحة 414 - الجزء 1

  فالقول الذي حق على الفاسقين، فهو: وعيد الله وما حكم به على العاصين من العذاب المهين، يقول: قد أحق عليهم وعيدَنا ما اكتسبوه من معاصي الله، ومعنى قوله: {حَقَّ} فهو: وجب ووقع، وصح عليهم فلن يدفع، بإدخالهم لأنفسهم في العصيان، وما به يحق عليهم القول من عذاب النيران، وقوله: {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٧} فإخبار منه سبحانه لرسول الله ÷ باختيارهم لما هم عليه من كفرهم، وأنهم لا يتركون ما هم عليه من شكرهم، لا أن الله فعل ذلك بهم، ولا أدخل شيئا من كفرهم عليهم.

  وأما قوله سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ٨}، فقد تقدم شرح مثلها والقول في هذه كالقول فيها.

  وأما قوله: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ١٠} فهذا أيضا فإخبار من الله لنبيه ÷ عن اختيارهم للكفر، وصدهم عن الهدى والإيمان، وأنهم لا يؤمنون ولو أكثر من الإنذار، وأطال من الإعذار، لما قد غلب عليهم من الحمية والجهل، وداخلهم من الحسد والدغل، لا أن الله أحدث ذلك فيهم، ولا قضاه سبحانه عليهم.