تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة ص

صفحة 430 - الجزء 1

  ٢٢٩ - وسألته: عن قول أيوب ~: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ٤١}⁣[ص: ٤١]؟

  قال: معنى قوله: {مَسَّنِيَ} فهو: ما كان من كلامه ووسوسته له، وذلك أن أيوب ~ كان قد جعل ضيافة أضيافه إلى امرأته، فأتاه إبليس اللعين فقال: يا أيوب إن امرأتك قد فضحتك اليوم في أضيافك، فأتاها فقال: ما الذي حملك على أن تفضحيني في أضيافي، أقسم لأضربنك مائة ضربة بالعصا، فلما همَّ بالذي أقسم به من ضربها، أتاه الملعون إبليس فقال: يا أيوب سبحان الله أيحل لك أن تضرب أمرأة ضعيفة لم تجرم جرما، ولم تأت قبيحا، ولم تفعل أمرا تستحق به ضربا؟! وليس لها قوة على ضربة واحدة، فكيف مائة ضربة؟! ولا تهلكها ولا تأثم بربك في أمرها؟

  فلما تركها وكف عنها، أتاه من موضع آخر، فقال: يا أيوب سبحان الله كيف يحل لك أن تقعد عنها، وقد حلفتَ لتضربنها، ولا ترجع عن يمينك، ولا تأثم بالله ربك، فلما رجع إليها ليضربها أتاه بالوسوسة على مثل الذي أتاه به أولا، فلم يزل يفعل ذلك حتى دخله الغم، وعظم عليه الأمر، فانقلب على ظهره وهو يفكر وينظر، وخالطه من الوسوسة ما غلبه على أمره، فلم يزل كذلك حتى تقرح ظهره، ولزمه المرض العظيم، وشد به الأمر، وتمادت به العلة، وذهبت ماشيته، و افترق ماله، ومات أولاده، ومرضت المرأة من الغم والحزن، فلما رأى ذلك من كان معه