ومن سورة غافر
  الفناء وإخراجك إيانا بعد الفناء والبلاء من أجداثنا أجساما متجدده أحياء، فهذه الحياتان والميتتان، ثم قالوا: {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ١١}، يقولون: هل من رجعة إلى الدنيا من سبيل، فنعمل صالحا غير الذي كنا نعمل، إذ قد رأينا وأبصرنا، وعاينا وشاهدنا، واعترفنا بذنوبنا، ومعنى {فَاعْتَرَفْنَا} فهو: أقررنا بها، وشهدنا على أنفسنا بما كان منها.
  ٢٤٥ - وسألته عن قول الله سبحانه: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ١٥ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ١٦}[غافر: ١٥ - ١٦]؟
  فقال: معنى {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ١٥} فهو: ليحذر ما يكون من العقاب في يوم التلاق ويوم التلاق فهو يوم الاجتماع، يوم يلتقي الخلق كلهم إلى موضع واحد وهو يوم الحشر ويوم الميقات ويوم الميعاد، معنى {بَارِزُونَ} فهم: ظاهرون غير مستترين بدار ولا جدار، قد برز بعضهم لبعض، وعاين بعضهم بعضا، {لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} معنى لا يخفي على الله منهم شيء هو لا يخفى على الله من سرائرهم شيء ولا من أعمالهم، ظاهرا كان أو مستتراً من أفعالهم، {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ١٦} يخبر سبحانه أنه يوم قد انقطع فيه ملك كل مَلِك، وأثر كل متملك، إلا الله سبحانه الواحد القهار، النافذ أمره، الماضي في ذلك اليوم حكمه، المذل فيه الملوك الجبارين، المعز لأوليائه المؤمنين، {الْوَاحِدِ} فهو: الذي ليس معه في الحكم في يوم الدين أحد يحكم، ولا يأمر {الْقَهَّارِ ١٦} فهو الغالب الجبار.