ومن سورة فصلت
  والشيطان الموسوس بالمعصية لأوليائه، هما المضلان للضالين، وهما اللذان سألوا أولياوهما وأهل طاعتهما في الدنيا رؤيتهما في الآخرة، تعسفا وغضبا عليهما، لينالا في العذاب بعض ما تشتفي به منهما صدورهم، ويخف غيظهم، ولا يرجا - ولله الحمد - لأحد من أهل جهنم في ذلك سُلوٌّ لو كان ولا غيره).
  (وقال يحيى بن الحسين ¥: قوله ø: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ٢٩}[فصلت: ٢٩].
  المعنى في ذلك: إن هذا السؤال من الكفار الضآلين طلب إلى الله أن يريهم من أضلهم وأغواهم، من الجبارين الآدميين، ومغويهم من فراعنة الشياطين، الموسوسين بالمعصية لهم، المزينين لما في صدورهم. {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا} يقولون: تحتنا في النار ونطاهوم ونذلهم كما أهلكونا.
  معنى {لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ٢٩} فهما: ليكونا تحتنا في العذاب المهين، وذلك أن جهنم ظلل {مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ}[الزمر: ١٦]، معنى {ظُلَلٌ} أي: درجات متفاوتات، وأشدها عذابا أسفلها، فكل ما كان أسفل فهو أشد عذابا مما هو فوق، فأراد هؤلاء أن يكون المغوون لهم أسفل منهم في الدرجة، التي هي أنكى عذاب، وأشد نكالا وأشقى).