تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة فصلت

صفحة 15 - الجزء 2

  ٢٥٠ - وسألته عن قوله سبحانه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ٢٩}⁣[فصلت: ٢٩]؟

  فقال: المعنى في ذلك أن هذا السؤال من الكفار الضالين، طلبٌ إلى الله أن يريهم من أضلهم وأغواهم من جبابرة الآدميين، ومغويهم من فراعنة الشياطين الموسوسين بالمعصية لهم، المزينين لما في صدورهم، {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا}، يقول: تحتنا في النار، ونطؤهم ونذلهم كما أهلكونا، معنى {لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ٢٩} فهو: ليكونا تحتنا في العذاب المهين، وذلك أن جهنم ظلل من فوقها ظلل، معنى: ظلل أي درجات متفاوتات فأشد عذابا أسفلها، فكل ما كان أسفل فهو: أشد عذابا ممن هو فوق، فأراد هؤلاء أن يكون المغوون لهم أسفل منهم، في الدرجة التي هي أنكأ عذابا، وأشد نكالا وأشقى.

  ٢٥١ - و [سئل] عن قول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}⁣[فصلت ٢٩]؟

  (فقال: المضلان للكافرين اللذان سألوا ربهما أن يريهم إياهما، فهما مضلا الإنس والجن ومغوياهم، لأن كل ضال بإضلال مضل فلم يضل، إلا بإطغاء شيطان ووسوسته، أو إطغاء جبار من الإنس دخل في طاعته، فجبار الإنس المضل لتباعه،