تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة البقرة

صفحة 153 - الجزء 1

  ٢٦ - وسألت: عن قوله سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}⁣[البقرة: ١٨٤]؟

  والمعنى في ذلك فهو: وعلى الذين لا يطيقونه فدية، فطرح لا وهو يريدها، لأنه سبحانه إنما خاطب العرب بلسانها، والعرب تطرح لا وهي تريدها، وتثبتها وهي لا تريدها، في ذلك ما يقول الشاعر:

  بيوم جدود لا فضحتم أباكم ... وسالمتم والخيل تدمى شكيمها

  فقال: لا فضحتم، وإنما أراد: فضحتم، فأدخل لا وهو لا يريدها، وشاهد ذلك من كتاب الله، قوله ، عن أن يحويه قول أو يناله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} فأدخلها صلة في الكلام، وذلك عند العرب فمن البلاغة والتمام، وهي مثل ما يقول الشاعر:

  نزلتم منزل الأضياف منا ... فعجلنا القرى أن تشتمونا

  فقال: أن تشتمونا، وإنما أراد: لأن لا تشتمونا، فطرح لا وهو يريدها، والشاهد لذلك في كتاب الله سبحانه قوله: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ١}⁣[القيامة: ١] فقال: لا أقسم، وإنما أراد: أقسم، وقال سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا}⁣[الأنعام: ١٢٣] وإنما أراد: لأن لا يمكروا فيها.