ومن سورة ق
  ٢٩٤ - وسألته عن قول الله سبحانه: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ٦}[ق: ٦]؟
  فقال: تزيينها فهو: بما فيها من النجوم، وذلك قوله سبحانه: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ٥}[الملك: ٥]، ومعنى قوله: {وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ٦} هو: وما فيها من فروج فقامت اللام مقام في، لأنها من حروف الصفات، وحروف الصفات يعقب بعضها بعضا، والفروج فهي: الفتوق والشقوق، والاختلاف بالفطور، فأخبر سبحانه أنها مستوية ليس فيها من ذلك شيء، وأصل ما أراد بذكر السماء وأمرها، وما جعل فيها من زينتها، ونفى عنها من فطورها، أنه أراد سبحانه: أفلا يوقن، يريد: يا هذا من فعلنا بقدرتنا، على ما أنكر بما ذكرنا له من حشرنا لعبادنا، وبعثنا البشر، مَن فعل ما فعل في السماء، بقادر على أن يحشر ويعيد الأشياء.
  ٢٩٥ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ٩ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ١٠}[ق: ٩ - ١٠]؟ فقال: هذا مثل قوله سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}[الأنبياء: ٣٠]، فأخبر أنه أنزل من السماء ماء فأنبت به ما أنبت، من الجنان والحب الحصيد، والنخل الباسقات ذوات الطلع النضيد، وأما معنى قوله: {جَنَّاتٍ} فالجنات هي: البساتين والحدائق ذوات الإلتفاف، والثمار والإئتلاف، ذوات الأنهار الجاريات،