ومن سورة الذاريات
  {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا}: يقول: بسطناها لكم ومهدناها فصارت لكم بتقديرنا فراشا، ولأحيائكم وأمواتكم برحمتنا كفاتا، و {الْمَاهِدُونَ ٤٨}: فمعناها: الباسطون المسوون، الموطوؤن لصعبها، المسهلون لسبلها، ومعنى قوله: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} يريد سبحانه: إنا خلقنا من كل صنف ذكرا وأنثى ثم خلقنا منها نسل ذلك الصنف، والمعنى وأخبر سبحانه بأصل التناسل انه من الزوجين، والزوجان فهو: الزوجة والزوجة المتزاوجان، {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٤٩}: يقول: لعلكم تتفكرون في قدرة من جعل ذلك، ودبره كذلك، حتى توالد كل صنف من ذكر وأنثى، فتعلموا أن الذي دبر ذلك في الابتدا، قادر سبحانه على أن يحيي الموتى.
  ٣١١ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦} إلى قوله: {فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ٣٧}[الذاريات: ٥٦ - ٥٩]؟
  فقال: هذه شهادة من الله، وقول بالحق، وإخبار عن فعله الصدق، أنه لم يخلق خلقا إلا لطاعته، والعمل بمرضاته، لا ما يقول الكفرة، فأكذبهم الله تبارك وتعالى بما ذكر في هذه الآية، عن الأكل والشرب والحاجة إلى الرزق، والذي ليس كمثله شيء، ولا يشبهه شيء، وهو على خلاف كل شيء، مباين لكل شيء، وهو السميع العليم، ثم أخبر أنه الرزاق غير المرزوق الذي لا يحتاج إلى المخلوقين، وهم إليه