ومن سورة الذاريات
  عوقب عليه، ولامه الله فيه، وعاقبه عليه، وقد قيل: إن المليم هو: الصامت المتحير الباهت، يرى من الأمر ما قد بهته وأفزعه، والقول الأول أحبهما إليَّ وأصحهما عندي، {وَفِي عَادٍ} يقول: وفي عاد آية وعبرة وتذكرة، لمن أراد التذكرة، {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ٤١}، و {الرِّيحَ الْعَقِيمَ ٤١} فهي: ريح العذاب الشديد الأليم، الذي لا فسحة معها، ولا فرج فيها، ولا تقيس لمن استوجبها، فلما أن لم يكن فيها راحة، ولا تخفيف ساعة واحدة، قيل: هي عقيم من الفرج والراحة، أي لا فرج فيها، كما يقال: رجل عقيم وامرأة عقيمة، وهما اللذان لا يلدان ولا يكون منهما ولد، فكذلك هذه الريح الشديدة العظيمة التي لا راحة فيها، ولا يكون منها سكون طرفة عين عن أهلها، حتى تدمر كل ما أتت عليه، معنى إلا جعلته كالرميم: يقول: ضربته وطحنته وأبادته، حتى تركته مثل الرميم، والرميم فهو: الحشيش البالي القديم العهد بالحياة، الذي قد بلي واسودَّ وفني، ولم يبق فيه إلا فتات لا منفعة فيه.
  ٣١٠ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} ... إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٤٩}[الذاريات: ٤٧ - ٤٩]؟
  فقال: معنى بنيناها هو: جعلناها وخلقناها، وقدَّرناها سقفا عليكم ودبرناها، ومعنى {بِأَيْدٍ} فهو: بقوة واقتدار، {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ٤٧} يقول: إنا لها لمعظمون موسعون، فهي واسعة عظيمة طبق على طبق غير ناقصة ولا صغيرة،