ومن سورة القمر
  {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ٥} يقول: آيات محكمة، ودلائل كافية بالغة {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ٥} يقول: ما يردعهم الرسل عند ذلك، {وَالنُّذُرُ} هنا فهي: إنذار الرسل لهم، وبعثها بذلك من الله سبحانه.
  {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} يقول: دعهم إذ لم يقبلوا وأعرض عنهم إذ لم يطيعوا، ثم ابتدأ سبحانه الخبر، فقال: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ٦} معنى ذلك: سيعلمون يوم يدع الداعي لشيء نكر، والنكر فهو الأمر المنكر الذي ينكرونه حتى يعاينوه ويفزعهم حين يرونه.
  معنى {خُشَّعًا} فهي: مغضوضة لا يرفعون رؤوسهم ولا يمدون {أَبْصَارُهُمْ} أمامهم، من الفزع والخوف، والإيقان بالبلاء العظيم.
  {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} فالأجداث هي: القبور، {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ٧}، فشبههم في كثرتهم بالجراد المنتشر وهو الكثير المعروف، {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} معنى {مُهْطِعِينَ} فهم: تابعون مسرعون إلى نحو الداعي والداعي فهو: الذي يدعوهم إلى موضع الحشر، ويأمرهم المصير إليه، {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ٨} أي: عسر لدينا شديد علينا، إذ حق وعد الله فينا.
  ٣٢٥ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ١٣ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ١٤}؟
  فقال: هي السفن التي تُعمل من الألواح، وتُشد بالدسر، والدسر فهي: الحبال والمسامير، التي تربط بها وتُدسر، {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ١٤} فهي: تسير في البحر بعلمنا، {جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ١٤}، والذي كُفر هو نوح صلى الله عليه، يقول: جزيناه على صبره على من كان كفر نعمته، وعصى أمره، بالنجاة في هذه السفن، مما وقع بالكافرين لنعمه، المشركين بما جاء من الله به.