ومن سورة الرحمن
  تخرجون منه، إلا أن يشاء الله ذلك، فيقدركم على ما يشاء، وينقلكم إلى ما يجب من الأشياء، فهذا معنى السلطان الذي ذكره العلي الأعلى.
  {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} الشواظ: فهو: اليسير من النار، وهو: اللهب {وَنُحَاسٌ}، فالنحاس: هو: الدخان، {فَلَا تَنْتَصِرَانِ ٣٥}، يقول: إن نزل بكم ما ذكرنا، وأرسلناه عليكم كما قلنا، لم يكن عندكم لأنفسكم انتصار ولا امتناع، {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ٣٧}، هذا: يوم الدين عند تبديل السماء، فحينئذ تنشق للبواد والفناء، ثم تعود وردة كالدهان، والوردة فإنما هي: مثلٌ مَثَّله الله تبارك وتعالى، يخبر أنها تكون عند تمحقها وتقطعها، كاصفرار الوردة {كَالدِّهَانِ ٣٧}، يقول: يكون لونها كلون الوردة، وتكون بعد هذا التجسيم {كَالدِّهَانِ ٣٧} والدهان فهو: المهل، شبه الله به في غير هذا الموضع وهو ماء القطران وصفوه، فأخبر سبحانه أنها تكون كهذا الدهن عند رجوعها إلى الدخان الذي منه خلقت، بعدما هي عليه اليوم من العظم والجسم الذي عليه جعلت، {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ٣٩} معنى {لَا يُسْأَلُ} هو: لا يسأل لاستفادة أمر مجهول، وإنما يسال للتقريع والإخزاء، لا على أن يُعلم منه شي من الاشياء.
  {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ٤١}، السيماء الذي يعرف به المجرمون فهو: خلقهم وشناعتهم، واسوداد وجوههم في ذلك اليوم، مع ايات كثيره يبديها الله فيهم، ويجعلها علامات عليهم، يعرفهم بها خزنة جهنم، فحينئذ تأخذهم بنواصيهم وأقدامهم، والنواصي فهي: شعور رؤسهم