تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الصف

صفحة 163 - الجزء 2

  البلاد بالصالحات، ويُنصر المظلومون، ويُردع الجائرون وتُكسا الظهور والجنوب العاريات، ويُمات الظلم والشرور، وتقضى الغرامات عن الغارمين، وينصر الله به المستضعفين، ويُعز به الإسلام والمسلمين.

  فيا لها تجارة ما أربحها! ودعوة ما أنورها! لو كان لها من الأنام مجيبون، أو في هذه الأمة المخذولة طالبون، ولكن لا طالب لها، ولا تاجر فيها، ولا مقبل إليها، تعلقوا بالشبهات، وتسلوا بالأمنيات، وكرهوا الوفاة، واستطابوا تافه الحياة، ومالوا إلى غرور الدنيا، وجروا واستبقوا في ميادين الهوى، وزهدوا في دار الخلد التي تبقى، التي لا نصب فيها ولا تعب ولا شقاء، كأن لم يسمعوا الواحد العلي الأعلى، يقول في ما نزل من الوحي على نبيه المصطفى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ٦٤}⁣[العنكبوت: ٦٤]، فلعمري إنه الفرة من القتل ليلاقي من الموت ما هو أشد وأبلى، وأطول نكدا، وأعظم هولا، وما عن الموت لهم من مهرب ولا مصدر، وما ينجو منه من أحد، كما قال رب العالمين: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ٥٧}⁣[العنكبوت: ٥٧]، فما عسى مَن فر من القتل والقتال، أن يُتمنع وأن