ومن سورة المنافقون
  واعتقادهم، خلاف ما يبدونه بألسنتهم، وأنهم في قولهم ينافقون، وفيما زعموا أنهم يشهدون به كاذبون.
  ثم قال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢}، هذه الآية وما ذكر من قبلها من نفاق المنافقين، فيما شهدوا به من الشهادة التي كانوا في ادعائها مبطلين - نزلت وما ذكر في السورة كلها من ذكرهم، فنزلت على النبي صلى الله عليه وعلى آله في غزوة عسفان، وفيما كان من كلام الكافر عبدالله بن أبي وأصحابه، وكان أصل ذلك أن خدم العسكر كانوا يتقدمون إذا بلغوا المناهل فيستقون الماء لأصحابهم، فتقدموا عند رجوع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله من غزوته كما كانوا يفعلون إلى الماء، فاجتمع على الماء خدم المنافقين عبدالله بن أبي وأصحابه، وخدم المؤمنين من المهاجرين والأنصار، فازدحموا عليه، وتطارحوا الكلام حتي تضاربوا، فطرد خدم المؤمنين خدم المنافقين، فلما نزل العسكر وجد عبدالله بن أبي خدمه لم يسقوا بعد، فسألهم فأخبروه بما كان من خبر خدم المهاجرين، فقال: آويناهم وقويناهم حتى قووا علينا، والله {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}[المنافقوم: ٨]، ثم قال لأصحابه: لا تشاوروا أصحاب محمد، ولا تبايعوهم، ولا ترشدهم ولا تعينوهم، ولا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا، فلما أن بلغ رسول الله ÷ هذا الخبر هَمَّ بقتله، فأتاه ابنٌ