ومن سورة آل عمران
  الملك، فمن أجاز الله له قبض جبايات الأرض، وإقامة أحكامها وحدودها، وأوجب له الطاعة على أهلها، فقد آتاه الملك حقا، أولئك هم السابقون بالخيرات À، ومن لم يحّكم له بشيء من ذلك، ولم يجزه له ويطلق يده فيه، ولم يوجب له الطاعة على أحد من خلقه، فقد نزع الله ملك أرضه منه، وأبعده عنه، أولئك أعداؤه وجبابرة أرضه، الحاكمون بغير حكمه، المغتصبون ما جعل الله سبحانه لأوليائه، المعتدون لما حكم به في خلقه وبلاده، أولئك {يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}[النساء: ١٠]. فسبحان من لم يقض بشيء من ذلك لأعدائه، ولم يؤته غير أولياءه.
  وفي نفي الحكم منه بشيء من ذلك لأعدائه، ما يقول لإبراهيم صلى الله عليه: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}[البقرة: ١٢٤] والعهد فهو: العقد بالإمامة، والحكم لهم بالطاعة، ومعنى {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤} فهو: لا يُبَلُّغهم ولا يجيزهم.
  ٣٧ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[آل عمران: ١٨٧] ما كان أخذ الميثاق ومتى كان؟
  وأخذُ الله سبحانه لميثاق أهل الكتاب، فهو: بلا شك ولا ارتياب، ما أخذ الله منهم على لسان موسى وعيسى صلى الله عليهما، من التصديق بمحمد ÷، والإيمان به والإقرار بما ينزل عليه من وحيه، والنصر له ÷، والقيام معه.