تفسيرسورة القلم
  {وَإِنْ} فهو: قد، ومعنى {يَكَادُ} فهو: يريد، {الَّذِينَ كَفَرُوا} فهم: الذين أشركوا وكذبوا، {لَيُزْلِقُونَكَ} فمعناها: لينفذونك ويهلكونك، ويستفزونك ويقتلونك، {بِأَبْصَارِهِمْ} أي: بأعيانهم لشدة النظر إليك، للغيظ الذي يتداخلهم عليك، إذا قرأت الذكر فسمعوه، يريد سبحانه: قد يريد الذين كفروا أن يهلكوك بأبصارهم، ويحبون ذلك لو ينالوا أن يفعلوه بأبصارهم دون أيدهم؛ إذ لم يقدروا أن يبطشوا بأيديهم إليك، فأعينهم لشدة غيظهم وما في قلوبهم، تكاد أن تزلقك لو قدرت، وتهلكك لو استطاعت إذا سمع اللاحظون لك بها ما تتلوه من الذكر الحكيم، والذكر فهو: القرآن العظيم.
  {وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ٥١}، فهذا قول من الكافرين - عليهم اللعنة إلى يوم الدين - {يَقُولُونَ} تقول: إن رسول الله ÷ فيما يأتي عن الله من الذكر المذكور، من القرآن المنير المسطور، مجنون، ينسبون في ذلك إليه الجنون، كذبا على الله واجتراء، وعداوة للحق وافتراء، أخبر سبحانه أنهم كاذبون في قولهم، مترددون في ربهم، وأنه صلى الله عليه وعلى آله خلاف ما قالوا، مما نسبوه إليه وافتروا، فقال ø: {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ٥٢}، فأخبر سبحانه أنه ليس بمجنون كما يقولون، وأنه لرسول منه مُبين، {ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ٥٢} ومعنى {ذِكْرٌ} فهو: نور وهدى، وداع إلى الله بالحسنى، {لِلْعَالَمِينَ ٥٢} فمعناها: للمخلوقين أجمعين، من الإنس والجان، والحمد لله ذي الجلال والإكرام والسطان، والجبروت والبرهان، والمن والإحسان، على الخلائق بالغفران، بعد الضلال منهم والعصيان، حمدا يقرب من الرحمن، ويبعد من الشيطان، ويقصي من النيران، ويفتح أبواب الجنان.