تفسيرسورة القلم
  {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ٤٩}، يقول سحبانه: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ} بالاجابة له في دعائه، والرحمة له عند تسبيحه {لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ٤٩} يقول: لما خرج من بطن الحوت حتى ينبذ بالعراء يوم القيامة، ومعنى ينبذ فهو: يخرج من البحر إلى وجه الأرض ويحشر، ويرد إلى ما كان عليه في ذلك اليوم من الخلق وينشر، فأراد الله بما ذكر من العراء عراء الأرض في يوم الدين، وعند حشر جميع المربوبين، فلم يرد عراء الأرض في الدنيا، ألا تسمع كيف يقول: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ١٤٢ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ١٤٣ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ١٤٤}[الصافات: ١٤٢ - ١٤٤]، فدل سبحانه بقوله: {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ١٤٤} على أنه لو لاأن تداركه نعمة الله لكان لابثا في بطنه حتى ينبذ بالعراء في يوم الدين، والعراء في يوم الدين هو: عراء أرض الآخرة لا عراء الدنيا، فقال: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ٤٩}، يقول: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ}، تداركته النعمة فخلصته من بطنه، لكان مقيما في جوفه، حتى ينبذ بالعراء في يوم حشره، وإحيائه ونشره، {وَهُوَ مَذْمُومٌ ٤٩} يقول: مأثوم، عند الله غير سليم.
  {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ٥٠}، معنى {فَاجْتَبَاهُ} أي: رفعه وأدناه، وقربه واصطفاه، {فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ٥٠}، والصالحون فهم: المصلحون، والمصلحون فهم: الذين أصلحوا ما بينهم وبين الله، حتى صلحت لهم عنده أمورهم، واتصلت بأسبابه أسبابهم فعادوا له أولياء مطيعين، مختارين محسنين.
  {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ}، معنى