تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الحاقة

صفحة 280 - الجزء 2

  وقيل: إن معنى الطاغية التي أهلكوا بها هي: الصيحة التي أخذتهم فأهلكتهم، ومعنى طاغية عليهم فهو: مهلكة لهم غالبة على أنفسهم، وهذا فأحسن المعنيين وأصو بهما عندي، والله أعلم وأحكم.

  {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ٦}، فأخبر سبحانه بما أهلكت به عاد كما أخبر بها أُهلكت به ثمود، فقال ø: {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ٦} والصرصر فهي: الشديدة المدمدمة، المدمرة لما أتت عليهم المخربه، والعاتية فهي: الغالبة الهائلة التي لا تذر شيئا إلا أتت عليه، وعتت فمعناه: صعبت واشتدت به وغلبت، فلم يستر منها ستر، ولم يكن منها أي من شرها كنٌّ، فهي تذهب بما أتت عليه، وتهلك ما أرتمت فيه.

  {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} فمعنى {سَخَّرَهَا} أي: هو جعلها وأذن لها، وسلطها وأنزلها، ومعنى {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ}، يخبر ø أنه بعثها عليهم باكرا، فأقامت عليهم ثمانية أيام إلى آخر اليوم الثامن، فكان لهذه الثمانيه الأيام سبع ليال، ليلة اليوم الثاني، وليلة اليوم الثالث، وليلة اليوم الرابع، وليلة اليوم الخامس، وليلة اليوم السادس، وليلة اليوم السابع، وليلة اليوم الثامن، فكان ذلك سبع ليال، وثمانية أيام؛ لأنها واقعتهم في أول نهار اليوم الأول، وفرغت منهم في آخر نهار اليوم الثامن، فكان ذلك سبع ليال وثمانية أيام، ثم قال ذو الجلال والإكرام: {حُسُومًا} فمعناها: دائمة متوالية، لا راحة فيها، ولا فترة لساعة منها، وما كان كذلك في الدوام والاستواء، وقلة الغفلة والونى، سمي: حسوما من الليالي والأيام.

  {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ٧}، فأخبر سبحانه بحالهم وصفاتهم بعد ما نزل بهم من إهلاكه لهم ما نزل، فمثلهم في ذلك