تفسير سورة الحاقة
  الحال بإعجاز نخل خاوية، وأعجاز النخل الخاوية فهي: أسافلها وما غلظ منها، ومعنى {خَاوِيَةٍ ٧} فهي: خاوية من الحياة، أي: ليس فيها شيء من الحياة، فمثلهم بأعجاز النخل الميتة الخاوية؛ لأن النخل إذا ماتت وخويت كانت أضعف ما يكون من الأشياء وأوهاه، وأسمجه في الصورة وأرداه، فمثل سبحانه أجسامهم المهلكة الملقاة بأعجاز النخل الخاوية.
  ثم قال سبحانه: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ٨}، يريد بقوله: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ} أي: هل تحس منهم، فقامت {هَلْ} مقام {مِنْ}؛ لأنهما من حروف الصفات، ومعنى {مِنْ بَاقِيَةٍ ٨} فهو: من أحد صغير أو كبير، إخبارا منه بذهاب الكل ودماره وانقضائه واستئصاله، حتى لم يبق منهم باق، ولم ينج منهم من عذاب الله ناج.
  {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ٩}، ومعنى {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ} فهو: أتى، وفعل وأجترأ، هو ومن كان قبله من المؤتفكات، والمؤتفكات فهي: الأمم الكاذبات على الله. المجتريات الأفكات، وإنما سميت مؤتفكات لما أتت به من الأفك، والإفك فهو: العجز عن لحوق الحق، والتمادي في طريق الفسق، فسمى من كان كذلك مؤتفكات، مما كان منها من الكذب والإفك على الله في الحالات، {بِالْخَاطِئَةِ ٩}، فهي: الأفاعيل المخطئة العاصية، والخاطئة التي جآء بها فرعون ومن قبله والمؤتفكات، فهي الأمم المخطئات للصواب المذنبة، ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ١٠}، فأخبر أن الخطيئات التي أتوا بها هي معصية ربهم في معصية رسوله #، وما كان منهم من التكذيب برسالاته، {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ١٠} يقول: أخذهم على معصيتهم لرسوله، واجترائهم على التكذيب بآياته، ومعنى {فَأَخَذَهُمْ} فهو: