تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الحاقة

صفحة 294 - الجزء 2

  ومعنى {لَأَخَذْنَا مِنْهُ} فهو: أنتقمنا منه انتقاما شديدا، فهذا معنى {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ٤٥}.

  {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ٤٦}، يقول: لأنزلنا عليه نقمة تقطع وتينه، والوتين فهو: نياط القلب وعلايقه، التي تكون بقطعها مفارقته للحياة، ومصيره إلى الوفاه. {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ٤٧}، يخبر سبحانه أنه لو أراده بسبب، ما كان له عنه حاجز منهم، ولاعنه له مدافع فيهم، فصحح سبحانه لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله أداء الأمانة، وتبليغ الرسالة، بما ذكر من قوله: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ٤٤ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ٤٥ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ٤٦ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ٤٧}، لأنه لما أن قال: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} لفعلنا به ما ذكرنا، ثم لم يكن منه سبحانه فيه شيء مما ذكر أنه يفعله به لو تقول علينا باطلا، صح له ÷ بأحق حقائق التحقيق أداء الأمانة، وتبليغ حقيقة الرسالة، بصحة ونصيحة وصدق، وثبتت له الحجة بذلك على الخلق، والحاجز فهو: المانع، والمانع فهو: القائم دونه والمدافع.

  ثم أخبر ، عن أن يحويه قول أو يناله، أن هذا القول الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه آله من الإعذار والإنذار، والتحذير والاخبار، تذكرة للمتقين فقال: {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ٤٨ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ٤٩} فمعنى {إِنَّهُ} يقول: أن هذا القرآن، والقول، {لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ٤٨} والتذكرة فهي: التنبيه والزجر والتحذير للمتقين، والمتقون فهم: المؤمنون المتقون لربهم، والتقي فهو: الخائف لذنبه، المشفق من عذاب ربه، فأخبر سبحانه أن هذا كله لا ينتفع به، ولا يكون تذكرة، إلا لأهل الدين والتبصرة، الذين يتفكرون فيه