تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الحاقة

صفحة 293 - الجزء 2

  ثم أقسم ما هذا القول بقول شاعر، [{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ}]، ثم قال سبحانه: {قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ ٤١}، يريد: أن إيمانكم وتصديقكم بالحق الذي جآء به رسولنا من عندنا، على ما ترون من البراهين التي لا تكون إلا منا قليل لكفركم وعنادكم، وتكذيبكم وحسدكم.

  ثم رد على القسم بالواو وفقال: {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ}، فنفى سبحانه أن يكون هذا القول قول الكاهن، ثم قال: {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ٤٢}، فأخبر أن تذكرهم قليل، ومعنى {تَذَكَّرُونَ ٤٢} فهو: تتدبرون الأمور، وتتفكرون فيها، فأعلمهم سبحانه أن تذكرهم وتدبرهم قليل، وأنهم لو تذكروا، وتدبروا وتفهموا وأنصفوا، لعلموا أن هذا قول رسول كريم، وأنه ليس بقول شاعر ولا كاهن رجيم.

  ثم أخبر تبارك وتعالى أن كلما أتي به صلى الله عليه وعلى آله من ذلك، فهو: من الله حقا، وقولا صدقا، فقال سبحانه: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٣} فأخبر أن محمدا صلى الله عليه آله لم يبلغهم إلا ما أُمر به إليهم، وأنه لم يزد ولم ينقص في شيء تلاه عليهم.

  ثم قال: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ٤٤}، يقول: لو كان في شيء مما يقولون، حتى تقول علينا باطلا كما تذكرون، في بعض أقاويله، أوفي شيء من أخباره وأحاديثه، {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ٤٥}، معنى اليمين فهو: الأمر القوي المتين، وفي ذلك ما بقول شاعر من العرب:

  إذا ما رأية رفعت لمجد ... تناولها عرابة باليمين