تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة (المعارج)

صفحة 307 - الجزء 2

  {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ ٣٧}، يريد: عن يمينك وعن شمالك، {عِزِينَ ٣٧} أي: جماعات قليلات عن يمينك جماعات، وعن يسارك جماعات، كل مهطع برأسه، معرض بوجهه لا يسمع إليك، ولا يقبل عليك.

  ثم قال سبحانه: {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ٣٨}، يريد بقوله: {أَيَطْمَعُ} أي: أيرجو ويأمل، {كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ} والمرء فهو: الأنسان، {أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ٣٨}، وجنة النعيم فهي: جنة الفردوس، يقول سبحانه: إعراضهم عن الحق، واستغناؤهم عن الصدق، إعتراض من قد أمن العذاب، وأيقن بالثواب، وصح عنده أنه يدخل جنة نعيم، فهو: واثق بذلك، طامع أن يكون كذلك، فهو: معرض عما يُدعا إليه، لإيقانه بما يصير من الخير إليه.

  ثم أخبر سبحانه بما خلقهم منه احتجاجا منه بذلك عليهم، وتقريرا منه على الحق به لهم، فقال: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ٣٩}، يريد بقوله: {مِمَّا يَعْلَمُونَ ٣٩} أي: من الطين الذي خلقنا منه آدم #، ومن الماء المهين الذي خلقنا منه بني آدم أجمعين.

  ثم أقسم سبحانه بنفسه أنه لقادر على أن يبدل خيرا منهم، فقال ø: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ٤٠ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ٤١}، قوله: {فَلَا أُقْسِمُ} يريد: أفلا أقسم، فطرح الألف وهو يريدها، ورب المشارق فهو: الله رب العالمين، الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ