تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة (المعارج)

صفحة 306 - الجزء 2

  {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ٣٣}، والشهادة فهو: كل حق عَلِمَه إنسان، من حق يجب لله على الخلق التكلم به والقول، أو حق لمسلم يعلمه مسلم من شهادة أشهده عليها، أو أمور احتاج إلى أن نطق له بالحق فيها، ومعنى {قَائِمُونَ ٣٣} فهم: ثابتون على الشهادة التي يعلمونها، لا يزلون عنها ولا يكتمونها، ولا ينقصون منها، ولا يزيدون فيها.

  {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ٣٤}، ومعنى {يُحَافِظُونَ ٣٤} فهم: عليها يداومون، ويحفظون أوقاتها التي جعلها الله لها، فهم على ذلك محافظون، وله غير تاركين، ولا في شيء فيه مفرطين.

  ثم أخبر سبحانه بما أعد لمن كان على هذه الحالات، وكان من أهل هذه الصفات، فقال: {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ٣٥}، والجنات فهي: الجنان المذكورات عند الله سبحانه المعدودات لأهل الطاعات، و {مُكْرَمُونَ ٣٥} فمعناه: مكَرَّمُون، ومعنى {مُكْرَمُونَ ٣٥} فهم: مقربون مدنون معظمون، مثابون منعمون.

  ثم أخبر سبحانه بحال الكافرين، وما هم عليه من الأعراض عن الله ورسوله، فقال: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ٣٦}، يريد بقوله: {فَمَالِ} أي: فما بال {قِبَلَكَ}، عندك، {مُهْطِعِينَ ٣٦} والمهطع فهو: المطأطئ الرأس، يقول: ما بالهم عندك مطأطئين رؤسهم لا ينظرون إليك، ولا يستمعون منك ولا يقبلون بوجوههم عليك.