تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة (المعارج)

صفحة 309 - الجزء 2

  العرب تطرب فيه أصواتها، وترفع به كلامها، وتمد حروفه، وتطرب قوله، فإذا سمع السامع من قائله أقبل نحوه يستمعه موفضا، والموفض فهو: المسرع، فضرب الله لهم سرعة خروجهم من قبورهم، ونشرهم إلى موضع حشرهم، عند وقت نفخ الله في صورهم، بما يعرفون من سرعة الموفضين إلى النصب إذا سمعوه من ناصبه، واستطرفوه من قائله.

  {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ٤٤}، معنى {خَاشِعَةً} أي: منكسره، غير مسرورة ولا منفتحة، قد خشعت أبصارهم، لهول ما رأت عيونهم، وخشوع البصر فهو: شيء ينزل بالبصر عند انحلال القوى، وضعف النفس، وذهاب القوة، والإيقان بالبلية، فأخبر الله سبحانه أن أبصارهم لايقانهم بالعذاب منكسرة، خاشعة هالكة دامرة. {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}، معنى {تَرْهَقُهُمْ} فهو: تغشاهم، والذلة فهي: الحزن والمذلة، والمذلة فهي: تغشى وترهق، من انقن بالنكال من الخلق.

  ثم قال سبحانه: {الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ٤٤}، فأخبر ، عن أن يحويه قول أو يناله، أن هذه الأشياء من خروجهم من الأجداث، وخشوع أبصارهم، ووقوع الذلة عليهم، يكون في اليوم الذي كانوا يوعدون، وهو يوم القيامة الذي كانوا به يكذبون، ولم يكونوا بشيء مما يذكر لهم فيه يصدقون.

  ٣٥٢ - وسألت عن قول الله سبحانه: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤}⁣[المعارج: ٤٠]؟

  وأجل الله لهم هاهنا فهو: الأجل أجله للعالمين، وجعله مذة لآجاهم