تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة نوح

صفحة 325 - الجزء 2

  العالمين، فقال: {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ٢٨} والظالمون فمعناها: الذين ظلموا أنفسهم بإدخالها في معاصي ربهم، حتى استوجبوا منه بذلك الفعل ما استوجبوا من العقاب، ومن ظلمهم لأنفسهم وظلمهم لعباد ربهم، وغير ذلك من سائر أفعالهم، المحرمة في دين الله عليهم، قوله: {إِلَّا تَبَارًا ٢٨} فمعنى التبار فهو: البوار، ومعنى البوار فهو: الذهاب، والفناء والنقصان في كل الأسباب.

  ٣٥٣ - وإن سأل فقال: خَبِّرونا عن قول الله سبحانه: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ١٥ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ١٦}⁣[نوح: ١٥ - ١٦]، فقال: ما معنى قوله: ترون ونحن لم نر؟

  قيل له: إن القرآن عربي، وإنما خاطب الله العرب بلغاتها، وهذا عند العرب أحسن لغاتها، وأتم قالاتها، تقيم ترا مقام أخبرك، ومقام أعلم، يقول العربي لصاحبه إذا أراد أن يعلمه شيئا: أما رأيت إلى فلان عمل كذا وكذا!

  فإن قال: كيف يكون القمر والشمس في السماوات وإنما هو دون الأولى منهن، وقد ترون إلى [أن بين] كل سماء وبين التي فوقها مثل ما بين الأرض وسماء الدنيا، فكيف يكون فيهن أو ينالهن كلهن، وأنتم لو سترتم دونه ثوبا لم تروه، ولو دخلتم بيننا لم تعاينوه؟!

  قيل له: هذا أحسن ما تكلم به العرب، مثل ذلك وأوصحه، وأبينه وأوجزه، ألا ترا أن العرب تقول للجماعة إذا كان فيها عالم، أو لأهل البيت الكبير في بتي