تفسير سورة الجن
  حفظة العبيد، بل يكون ذلك من الله حفطاهو من الراصد لمتحفظ، ضرب لهم هذا مثلا بينا ليعلموا ما حفظ الله لمن اختار من خلقه وتنبأ.
  {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ}، يقول سبحانه: ليكون منهم في التبليغ أمر وصبر وحزم وفعل، يعلم الله أنهم قد فعلوا وصبروا عليه، وصمموا فيه، من تبليغ رسالات ربهم إلى خلقه، فيقع علمه بأنهم قد فعلوا، ويكون فعلهم نافذا بما أمروا، فهذا معنى {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ}.
  {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ}: فإخبار منه سبحانه أنه محيط بما لديهم، ومعنى أحاط فهو: علم وأحصى، ومعنى {لَدَيْهِمْ} فهو: عندهم، {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ٢٨} فمعنى {أَحْصَى}، هو: أحاطه وحفظ كل شيء يكون من الأشياء التي لايؤوه حفظها، ومعنى {عَدَدًا ٢٨} فهو: أحصى لكل شيء وأحاطة به على وجهه، حتى يكون كل شيء مثبتا عنده حرفا حرفا، كما ثبت العدد فى يد العده تثبيتا، ويعقده بيده واحدا واحدا، فأخبر سبحانه أنه محيط بما عند رسله، عالم به، وعند غير رسله، وأنه محيط لكل شيء يدركه من الأشياء، وإحاطته بها كما يكون إحاطة من حسب شيئا لما يحسبه، ويبيته، ويعقده فى يده ويعرفه، فَمَثَّل لهم سبحانه حفظه بعدد الأشياء ومعانيها، بما يعرفون من حفظ ماعُقد باليد وحُسب لأن احفظ مايحفظون، وأبينُ مابه يعرفون، حساب كل شيء ومبلغه هو بالعدد والإحصاء، والحساب والإستقصاء.