تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة المزمل

صفحة 346 - الجزء 2

  وسيأتي ذكر من رُخص له في ذلك في آخر هذه السورة إن شاء الله. ثم قال: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ٤}، يقول: تبينه تبيينا.

  {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ٥}، معنى {إِنَّا} فهو: نحن، ومعنى {سَنُلْقِي عَلَيْكَ} أي: نُصَيرِّ إليك، ونفرض عليك، ومعنى {قَوْلًا ثَقِيلًا ٥} هو: وحيا ثقيلا، والوحي فهو: القرآن، ومعنى {ثَقِيلًا ٥} أي: ثقيل الحكم، ومعنى ثقيل الحكم أي: صعب المفترض، وكيف لا يكون فرضه صعبا؟! وحكمة على من حكم به مستصعبا؟! وفيه ترك الشهوات، ومفارقة اللذات! والصبر على النازلات! مع ما فيه من ثقل الصلاة والصيام على أهله، ومشقة الحج على قاصده، ومفارقه كفرة الاجداد والآباء بالجاهلية الجهلاء، وغير ذلك من مثقلات الأشياء، المحكوم بهن في هذا القول، الذي نزله الواحد ذو الطول على خاتم النبيئين صلى الله عليه وعلى آله.

  ثم أمره سبحانه أن يفرض ذلك كله على جميع المخلوقين، ثم أخبره أن أداء فريضة الليل في أوله فهي أول أوقاته، {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ٦}، ومعنى {أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ٦} فهو: أشد تمكنا لك عند ربك واجرا، ومعنى {وَأَقْوَمُ قِيلًا ٦} فهي: أعدل طريقا، وأفضل فضلا، فحضه سبحانه على إقامة فرض صلاة الليل في أول وقتها، وجعل له العذر بما ذكر من سائر الأوقات التي فسرنا، إن عاقة أمر لا يجد عنه مدفعا كما شر حنا.

  ثم قال سبحانه: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ٧}، يريد بذلك سبحانه بقوله: {سَبْحًا طَوِيلًا ٧} أي: فراغا كبيرا، ووقتا يصلح لما تريد أن تستغل به عن