تفسير سورة المدثر
  نزل به لقولهم من الهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنْذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ٣ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ٤}.
  معنى {وَرَبَّكَ} أي: إلهك وخالقك ومالكك الذي لا خالق لك غيره، ولا مالك لك سواه، ومعنى {فَكَبِّرْ ٣} فهو: عَظِّم بالطاعة، وأَجِلَّ وقَدِّس، وقل ما هو أهله، وما هو يستحقه سبحانه ويستأهله. {وَثِيَابَكَ} فهي: هذه الثياب الملبوسة المعروفة باسمها، المفهومة بذكرها، ومعنى تطهيرها فهو: غسلها من رجس المشركين ولمسهم ومداناتهم.
  {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ٥}، الرجزهو: كل نجس معلوم، من وثن أو صنم أو شيء محرم مفهوم، ومما كانوا يستجيزون، ويأتون ويفعلون، من أكل الميتة وغيرها، التي هي في التحريم مثلها، ومعنى {فَاهْجُرْ ٥} أي: اعتزل ولا يقرب ولا يتبع.
  {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ٦}، معناه: لا تمن بشيء تفعله، ولا بجميل تصنعه، إلى أحد من العالمين، لا من المسلمين ولا من المشركين، ومعنى {تَسْتَكْثِرُ ٦} فهو: تكثر قول ذلك وذكره وتعريفهم به، وقوله هذا فأدب من الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله، وهداية منه له إلى عظيم الأمور وأجسمها، وأشرفها في الأحدوثة، وأفخرها، من ترك المن لما يولي، والإعراض عن ذكر ما يعطي.
  ثم قال سبحانه: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ٧}، يقول: فاصبر على ما تلقى في الله من البلاء، وتقاسي من الكفرة من الأذى، فاصبرعليهم واجعل صبرك لله في مقاساتك منهم بحكمة، واعترافا له سبحانه بأمره.
  {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ٨}، فالناقور: هو علامة من الله يجعلها في يوم الدين، تكون ظاهره في موضع حشر العالمين، تظهرعلامتها، وتسطع عالية آياتها يستدل