تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة المدثر

صفحة 373 - الجزء 2

  {كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ ٥٣} يريد بكلا: ليس تخافون فأخبر سبحانه أنهم لم يكونوا يخافون في الدنيا معادا ولا آخرة، هاهنا فهو: عذابها ونكالها.

  ثم قال: {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ٥٤}، يقول: ليس هو بباطل، ولكنه حق، {تَذْكِرَةٌ ٥٤}، فالتذكرة هي التنبية والتبصرة.

  ثم قال: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ٥٥} يريد {مَنْ شَاءَ} أي: من أراد، ومعنى {ذَكَرَهُ ٥٥} يقول: تَذَكَّرَه فخافه، وخَشِيَة فحذره.

  {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ٥٦}، يقول سبحانه: إنكم لم تكونوا تقدرون على التذكرة والتفكرة، والتمييز بين الحق والباطل، لو أن الله لم يشأ أن يجعل فيكم استطاعة تنالون بها الفكرة والتمييز، وعقولا تصلون بها إلى التذكرة، ولكنه شاء ذلك لكم، فركبه لكم وجعله بَمِنِّه فيكم.

  {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ٥٦} معنى {أَهْلُ} أي: هو صاحب التقوى، ومعنى صاحب التقوى فهو: وليها والحقيق بها والمستحق لها، و {التَّقْوَى} فهي: المخافة من الخلق والاتقاء، و {الْمَغْفِرَةِ ٥٦} فهي: العيادة منه، والرحمة على عباده بالعفو بعد الغضب، وذلك ربنا الرحمن، أهل البر والتقوى والمغفرة والاحسان.

  ٣٥٤ - وسألت عن قول الله سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}⁣[المدثر: ٣٨]؟

  فمعنى قول الله سبحانه: {رَهِينَةٌ ٣٨} أي: مرتهنة، ومعنى مرتهنة: مأخوذة،