ومن سورة المائدة
  ٥٥ - وسألت عن قول الله سبحانه: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}[المائدة: ١٣]؟
  فقال: معنى قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} هو: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم إذ نقضوه وتركوه، و {مَا} هاهنا: فإنما هي صلة للكلام لا أصل لها في هذا الموضع. والعرب تزيد (ما) و (لا) في كلامها وهي لا تريدهما، ولا أصل لهما في الكلام، وهذا كثير في لغة العرب موجود.
  ٥٦ - وسألته عن قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}[المائدة: ٢]؟
  فقال: هذا نهي من الله سبحانه للمؤمنين أن يحلوا شيئا مما حرم الله من هذه الأشياء، والشعائر فهي: الإبل التي تُشعر عند الإحرام، وإشعارها فهو: شق أسنمتها، والهدي فهو: ما أهداه المحرمون إلى مكة، والقلائد فهي: الإبل أيضا المقلدة التي يقلدها الحاج بعد إحرامهم، ولا {آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} فهو: القاصدون له المتوجهون نحوه، من حاج كان أو معتمر، فنهى الله تبارك وتعالى عن إباحة ما ذكر، والشهر الحرام الذي حرم الله فيه عليهم القتال، ومعنى {الشَّهْرَ الْحَرَامَ} فهو: الأشهر الحرام فقال: {الشَّهْرَ الْحَرَامَ} وهو يريد الشهور، كما قال {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ}[الانفطار: ٦] وهو يريد الناس.
  والأشهر الحرم التي نهوا عن الإحداث فيها، فهي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب، وهن اللواتي ذكر الله تبارك وتعالى حين يقول: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}[التوبة: ٣٦]