تفسير سورة الإنسان
  وجعل لهم في تلك الدر من آنيات الذهب والفضة والثياب الكثيرة من كل لون، والخدم وقصور الدر والياقوت والذهب والفضة، وكل ما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين من منكح أو مطعم أو مشرب أو لباس أو ركوب، أو غير ذلك من الثمار والأشجار والعيون والأنهار، ثم مع ذلك أن كل ما هم فيه دائم أبدا الأبد، لا يدخله تغيير ولا فناء، فهذا الملك غير الملك في الدنيا، ومعنى {كَبِيرًا ٢٠} فهو: عظيم كثير ممدود غزير.
  {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ} والنسدس والإستبرق فهو: من الحريروالديباج، غيرأن السندس أخضر والإستبرق أحمر والله أعلم وأحكم.
  {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ}، يعني: هؤلاء الولدان الذين هم خدم أهل الجنة، فذكر لباسهم وحليتهم، والفضة فهي: الفضة المعروفة البيضاء النقية.
  ثم رجع إلى صفة سادتهم من أهل الجنان، فقال: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ٢١ إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً} يريد: مكافأة لكم على عملكم، وعطاء على سعيكم، {وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ٢٢} فالسعي هو: العمل، والمشكورهو: المقبول، فأراد الله سبحانه بقوله: {سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ٢٢} أي: عملكم عندنا مقبولا.
  {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ٢٣} معنى {إِنَّا} يريد: أي نحن إخبار عن فعله، ومعناه دلالة عليه سبحانه، {نَزَّلْنَا} معناها: أنزلنا وأوردنا، {عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ٢٣} أي: شيئا شيئا، حقا حقا.
  {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} يريد: فاصبر على ما حكم به ربك من معاشرتهم ومنافستهم، والإعذار والإنذار إليهم، {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ٢٤}، يريد: لا تطع من كان آثما كافرا بربه، والآثم فهو: كل من يفعل ما يأثم فيه والآثم