تفسير سورة النبأ
  يقدرون على شيء من فضل الله، فأثبتها وهو لا يريدها، فخالف اللفظ المعنى عند من لا يعرف تفسيرها، ولا يقف على معانيها.
  وفي الدليل على أن هذا الفعل لغة من لغات العرب، أفصح لغاتها عندها، وأثبتها في ألسنتها، قول شاعر من شعرائهم في طرحها وهو يريدها:
  بيوم جدود لافضحتم أباكم ... وسالمتم والخيل يدمى شكيمها
  فقال: لا فضحتم أباكم، فأثبت فيها لا، وليس يريدها، ولا لها معنى، وإنما معناها: بيوم جدود فضحتم أباكم.
  وقال آخر من شعراء العرب في طرحها، وهو يريدها:
  نزلتم منزل الأضياف منا ... فعجّلنا القرى أن تشتمونا
  فطرح لا كما طرح اللام، فخرج معنى الكلام معنى إيجاب، وإنما معناه معنى نفي، أراد لئلا تشتمونا، فطرح لا وهو يريدها، فعلى ذلك يخرج معنى قوله سبحانه: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ١}، فطرح النون من عم، لما ذكرنا من الحجة فيها أولا، وطرح الألف من ما لما ذكرنا من استخفاف العرب لها، واستعمال ذلك في لغتها فبقيت {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ١} مشددة، شددت لادغام النون في الميم.
  والمعنى فيها: عن ما يتساءلون، غير أن اللغة والإعراب حذف منها الحرفين النون والألف، يريد تبارك وتعالى بقوله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ١}، أي: عم يستخبرون، ويتذاكرون، ويترآدون ويسألون، توقيفا لنبيه صلى الله عليه وعلى آله على ما يفعلون، وعلى ما يترآدون،.