تفسير سورة النبأ
  وهو شيء يُسوَّى له من الخشب، يغذّى فيه، ويُجعل عليه، يكفته ويؤويه، ويشده ويقويه، ويستريح إليه، فجعل ø الأرض للخلق مهادا يأوون إليها، ويسكنون فيها، فلما أن كانت الأرض لهم مأوى ومكفتا يمهدون فيها، ويسكنون عليها، سميت: مهادا، إذ كانت لهم مأوى، كما سمي موضع الصبي: مهادا، إذ كان له مضجعا ومأوى.
  ثم قال: {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ٧}، فأخبرعزوجل أن الجبال أوتاد للأرض تمنعها من المَيَدَان بهم، وتوقفها من التزعزع بمن فيها منهم، كما قال سبحانه: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}[النحل: ١٥]، ويقول: أن في الأرض للزومها لها، ومنعها بها من المَيَدَان بأهلها، بالأوتاد اللازمة لأطناب البيوت، المقيمة لها على الثبوت، اللازمة المانعة لها عن الزوال، فجعل سبحانه ما جعل من الجبال للأرض أوتادا.
  ثم قال سبحانه: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ٨}، فأخبر بعجيب صنعه، وما أظهر من فطرته، وما أرى الخلق من محكم تقديره، في خلق المخلوقين أزواجا، والأزواج فهي: الذكر والأنثى الذي يكون منهما نسل الآدميين، وبتناسلهما تكون كثرة المخلوقين.
  ثم قال: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ٩}، والنوم فهو: الرقاد، والرقاد فهو: خروج الروح من البدن، وبقاء النفس التي منها النّفَس في مقرها من البدن، وهو شيء جعله الله وركبه في الإنسان، مِنَّة منه سبحانه عليه، وإحسانا منه سبحانه إليه، لما في النوم من راحة البدن، وإراحة الجوارح كلها، وإراحة النفس في كل وجه ومعنى.
  من تلك الراحة: راحة البدن من تعبه، وإقباله وإدباره، وراحة الغير من النظر والإصعاد والتصويب، وراحة الرجلين من المشي، وراحة الاذنين من السمع و