تفسير سورة النبأ
  ودفعا لما يأتي من جهله، تستعملها العرب في ذلك من محاورتها، وتلفظ بها في لغاتها، فقال: {كَلَّا} ما جاءوا بحق، ولا تكلموا بصدق.
  ثم ابتدأ الكلام من بعدها بالوعيد لهم على كذبهم، وجحدتم للنبأ العظيم الذي أنبأهم به رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته من بعثهم وحشرهم، فقال: {سَيَعْلَمُونَ ٤}، أي: سيعلمون صدق ذلك وحقه، ويعاينون ما ذكر من كينونة البعث والحساب، وما أوعدوا من النكال والعقاب.
  ثم رجع سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه، في إبطال قولهم، والتكذيب لهم في جحدانهم، للنبأ العظيم، وإبطالهم الوعد والوعيد الجسيم، فقال: {ثُمَّ كَلَّا}، فكرر الجواب لهم لنفي الصدق عنهم، وإيجاب الباطل عليهم، والتكذيب لهم في قولهم، فقال: {ثُمَّ كَلَّا} أي: باطلٌ ما أتوا به وزور، ومحالٌ ذلك وفجور.
  ثم رجع إلى الوعيد فقال: {سَيَعْلَمُونَ ٥} غِب فعلهم، ويجدون ما أوجبنا من الوعيد عليهم، في تكذيبهم وشكهم، ودفعهم ما ذكرنا لهم من نشزهم، وشرحناه على لسان نبينا من الأنباء العظيمة، والأسباب الجليلة، التي لابد من وقوعها، وكينونتها ووضوحها، من عجائب أفعالها في خلقنا، عند نفخنا في صورهم، وإخراجنا لهم من أجداثهم، وإيصالنا لهم، ما حكمنا به لهم وعليهم، من كريم الثواب، وأليم شديد العقاب.
  ثم قال سبحانه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ٦}، والمهاد فهو: القرار الممهد، والممهد فهو: المسوى المجرد، الذي يضطجع الناس عليه، ويأوون فيه وينشأون عليه، من ذلك ما تقول العرب لمضطجَع الصبي وموضعه ومأواه: مهد الصبي،